Sunday, July 25, 2010

الإعجاز العلمي للقرآن

توفيق طه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الإعجاز العلمي للقرآن الكريم أصبح حديثاً شائعاً في السنوات الأخيرة وتكاثر المشتغلون فيه والكاتبون إلى درجة جعلت بعض المؤتمرات يتنادى إلى ضرورة وضع ضوابط لهذا الموضوع، هذا الموضوع الذي انفلت من الضبط العلمي وبات مجالاً هلامياً يتكلم فيه كل مَن هب ودب شأنه شأن ما سمي بالطب النبوي، المنتقدون للإعجاز العلمي يرون أن الاشتغال به هو فرار من الإحساس بالفشل العلمي مقارنة مع الغرب المتقدم علمياً وأن القائلين به فتنوا بالعلم التجريبي إلى درجة اعتباره حقائق مطلقة مهيمنة على نص القرآن في بعض الأحيان، أما الداعون لفكرة الإعجاز العلمي فيرون فيه وسيلة ناجحة لدعوة غير المسلمين ولتثبيت المؤمنين وعلامة دالة على كون القرآن من عند الله تعالى وإذا كان تفسير آيات القرآن وفق معطيات العالم الحديث قد لقي انتقاداً شديداً من العلماء قديماً وحديثاً فإن الإعجاز العلمي للقرآن يلقى مثل تلك الانتقادات غير أنه قلما تنشغل به أجهزة الإعلام لأن خطاب الإعجاز العلمي يجتذب جمهوراً كبيراً يصعب على الفضائيات التضحية به، فما هو الموقف المعتدل من الإعجاز العلمي؟ وما العلاقة بين الإعجاز والتفسير العلميين؟ وكيف نفسر الاشتغال بقضية الإعجاز في هذا العصر؟ وما هو نصيب الانتقادات الموجهة للإعجاز العلمي من الصحة؟ الإعجاز العلمي للقرآن الكريم موضع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، فأهلا ومرحباً بكم مشاهدينا الكرام وأهلاً بك فضيلة الدكتور.

يوسف القرضاوي- داعية إسلامي: مرحباً بك.



الفرق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي

توفيق طه: بداية فضيلة الدكتور هناك ما يسمى التفسير العلمي وما يسمى الإعجاز العلمي ماذا نعني بكل منهما؟

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى أهله وصحبه ومن إتبع هداه، أما بعد فقبل أن أجيب عن هذا السؤال الذي هو موضوع الحلقة لابد لي أن أعرج بكلمتين في قضيتين مهمتين كما جرت عادتنا في هذا البرنامج؛ الكلمة الأولى هي كلمة عزاء ومواساة لإخوتنا في إندونيسيا الشقيقة الذين ضربهم هذا الزلزال الخطير الذي قتل الألوف وشرّد عشرات الألوف بل مئات الألوف وهم لم يفيقوا من زلزال قريب.. يعني فقدوا فيه الكثير والكثير، فنقدم عزائنا ونقدم مواساتنا إلى إندونيسيا شعباً وحكومة وقيادة ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرحم موتاهم وأن يكتبهم في الشهداء، فقد جاء في الحديث أن من مات في مثل هذه الحوادث كان شهيداً، أن يكتبهم الله في الشهداء وأن يعافي جرحاهم والمصابين منهم وأن يَرد النازحين والمشردين إلى ديارهم سالمين آمنين، نحن قلوبنا مع أخوتنا هؤلاء وألسنتنا تدعو لهم ونسأل الله أن يكشف غمتهم وأن يفرّج كربتهم هذه الكلمة الأولى. الكلمة الثانية وهي كلمة أشد خطراً وأبعد أثراً لأنها تتعلق بالعراق الشقيق وما يجري فيه، فقد أتصل بي إخوة لنا من داخل العراق ونبهوا على خطر جسيم يحدث الآن في مدينة البصرة، يكاد يكون مما يسمونه التطهير العرقي أو التطهير الطائفي الذي يصيب أهل السنّة في البصرة، القتل في كل يوم والتهديدات تصل إلى الناس في بيوتهم ورقة إذا لم تغادروا بيوتكم ستتعرضون للقتل وبعض الناس لا تصدق فيحدث.. يعني هذا وأصبح يقتل أئمة المساجد الخطباء الوعاظ حتى واحد عمره ثمانين سنة تقريباً. يعني خطيب مسجد من عشرات السنين.. يعني قُتِل ويقتل أساتذة الجامعات ويقتل أطباء ومهندسون ويقتل أناس لم يرتكبوا ذنباً، هذه هي قضية في غاية الخطورة، فرق الموت والموت الأسود وأنصار المختار والثأر وهذه الأشياء.. هذه أمور غريبة لو تُركت وسكتنا عليها أنها تتم في صمت وإحنا نخاف.. يعني هذا الخوف من الكلام والمجاملة هذا أخشى أنه ينتهي إلى فتنة.. يعني لا تُبقي ولاتذر، تأكل الأخضر واليابس، لا يستفيد منها إلا أعداء الأمة وأعداء الإسلام، لا يستفيد منها سُنّي ولا شيعي في الحقيقة، يجب أنا.. يعني أنبه وأنا كثيراً ما نبهت في هذا البرنامج.. إخواننا من الشيعة، مشايخ الشيعة، آيات الله العظمى لابد أن ينبهوا على هذا الأمر وأن يحرموه تحريماً شديداً وأن يقولوا كلمة.. يعني في حق هذه الأمور، كلمة واضحة بينة، لا ينبغي السكوت على مثل هذا، هذا أمر اشتكى منه.. هيئة العلماء أصدرت بياناً في هذا والإخوة كذا واحد من العراق اتصلوا بي ولا يمكن، أنا أرى هذا الأمر إذا استمر بهذه الطريقة وتحت رعاية الاحتلال وتحت رعاية بعض القوى وبعض الناس تعرف القتلة وتسكت عنهم وهذا أمر في غاية الخطورة، هذا ينذر بخطر شديد على وحدة العراق، على العراق وطناً وعلى العراق شعباً وعلى العراق مسلمين وعلى العراق بكل فئاته، هذه كلمة تحذير وتنبيه أرسلها من هذا المنبر ليعلم مَن لا يعلم ومَن علم يتذكر ويتنبه وأرجو الله سبحانه وتعالى للعراق الخير وأرجو له النجاة من هذه المكايد التي لا يعرف عواقبها ولا يدريها إلا الله عز وجل، نعود إلى سؤالك يا أخ توفيق..

توفيق طه [مقاطعاً]: موضوع الحلقة نعم.

"
التفسير العلمي هو استخدام العلوم الطبيعية والرياضية والتي أسميناها العلوم الحديثة في تفسير القرآن، وإذا بالغنا في استخدام العلوم سيصبح القرآن لا يعرفه إلا علماء الطبيعة وعلماء الفيزياء والكيمياء
"
يوسف القرضاوي [متابعاً]: عن التفسير العلمي والإعجاز العلمي، الإعجاز العلمي هو نوع من التفسير العلمي، التفسير العلمي هو استخدام العلوم الطبيعية والرياضية ما يسمونه في الأزهر أو المداخل التي أسميناها العلوم الحديثة وهي الحقيقة.. يعني ليست حديثة هي علومنا من قبل ردت إلينا {بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إلَيْنَا} العلوم الحديثة.. استخدام هذه العلوم في تفسير القرآن، لا نكتفي باستخدام النحو، الصرف والبلاغة والعلوم الشرعية واللغوية في تفسير القرآن ولكن نستخدم هذه العلوم، هذا لا مانع منه ولكن المشكلة في كل هذه الأشياء المبالغة، الغلو في كل شيء يفسده، إذا بالغنا في استخدام العلوم معناها أن القرآن يصبح لا يعرفه إلا علماء الطبيعة وعلماء الفيزياء والكيمياء والفلك والرياضيات وأمثالنا ما يفهموش القرآن وأحيانا ننتهي إلى أن الأمة لم تفهم القرآن، مر على الأمة 14 قرناً يقول بعضهم إن هذا هو المعنى المقصود بالقرآن، فإن الأمة لو ما كانتش تفهم هذا.. يعني الأمة الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة والمفسرون بمختلف.. يعني مدارسهم.. مدارس المأثور ومدارس الرأي ومدارس البلاغة ومدارس الفقه إلى آخره كل هذه الأمة لم تفهم القرآن حتى جاء هؤلاء وقالوا هذا هو المعنى المقصود، فنحن لسنا ضد التفسير العلمي، أن نستخدم العلم في إيضاح المعنى بس بشروط؛ أولاً أن لا يكون في ذلك تكلف، افتعال، اعتساف، أننا نحاول أن عاوزين نرجع.. أن القرآن سبق العلوم فنحاول أن نقول لا القرآن سبق بالنظرية الفلانية قبل 14 قرن، هذا كلام.. يعني لازم يكون.. يعني بدون تكلف ويكون في حدود المفهوم اللغوي للكلمات القرآنية ودلالاتها وبحيث لا نتهم الأمة فيما مضى بالجهل وأنها لم تفهم القرآن، نحن لا نعتقد أن القرآن الكريم كتاب (كلمة غير مفهومة).. يعني من عناصر الخلود في هذا القرآن.. من خصائص القرآن الإبانة والتيسير أنه {كِتَابٌ مُّبِينٌ}، {تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِينِ}، تكررت في القرآن {وأَنزَلْنَا إلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً} النور في حد ذاته منكشف وكاشف، واضح وموضح، فهو نور ومبين.

توفيق طه: نعم، قلت فضيلة الشيخ أن الإعجاز نوع من التفسير، هناك مَن يخلط بين الاثنين، أنا ما أفهمه منك أن التفسير هو الأعم والإعجاز هو البعض..

يوسف القرضاوي [مقاطعاً]: الجزء منه..

توفيق طه [متابعاً]: نعم هناك شيوع الآن لاستخدام هذه الظاهرة بشكل كما قلت مبالغ فيه بحيث كثر المتحدثون وكثر الكتّاب في هذا الموضوع؟

يوسف القرضاوي: هو المشكلة حينما يدخل هذه المجالات مَن لا يحسنها ويختلط المسيء بالمحسن والجاهل بالعالم، هناك أناس يدخلون هذا القرآن.. يعني ويقفون عند الحدود المعلومة وهناك أناس يتوسعون.. يعني كلمة الإعجاز العلمي.. ما معنى كلمة إعجاز؟ الإعجاز هو الأمر الخارق للعادة الذي يتحدى الآخرين أن يأتوا بمثله فلا يستطيعون، القرآن نفسه كتاب معجز لأنه تحدى العرب أن يأتوا بحديث مثله {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إن كَانُوا صَادِقِينَ} فعجزوا {بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} فغُلبوا {بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ} فانقطعوا وصدق قول الله تعالى {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإنسُ والْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا القُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ ولَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} أعجزهم..

توفيق طه [مقاطعاً]: يعني هذا هو الإعجاز البياني..

يوسف القرضاوي [متابعاً]: كلمة الإعجاز جاءت من هنا، أنه تحدى العرب فأعجزهم، يعني أصابهم بالعجز أن يأتوا بمثله أو بسورة مثله، الكلام اللي قعدوا يجيبوه مسليمة الكذاب وأعطيناك العقق ومش عارف إيه كلام فارغ كله ما استطاعوا أن يرقوا إلى شيء من مستوى هذا القرآن الكريم..

توفيق طه: يعني الإعجاز الذي كان معروف عند المسلمين قديماً هو الإعجاز البياني، إعجاز النظم في القرآن..

يوسف القرضاوي: الإعجاز البياني..

توفيق طه: بينما الكلام عن الإعجاز العلمي هو مستحدث..

يوسف القرضاوي: هو إعجاز بالأخبار بالغيوب، لأن القرآن تضمن إخبار الغيوب.. يعني زي {غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} وأشياء من هذا النوع {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ} أنه تحقق هذه الأشياء، إعجاز أيضاً العلامة الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله نشر في مجلة المسلمون التي كان يصدرها الداعية الإسلامي الأستاذ سعيد رمضان، نشر عدة مقالات تحت عنوان شريعة القرآن دليل على أنه من عند الله، الإعجاز التشريعي، العلامة الشيخ محمد رشيد رضا أصدر كتاباً اسمه الوحي المحمدي، ذكر فيه أن التحدي بالقرآن.. تجديد التحدي بالقرآن.. أن القدماء كانوا يتحدون بالبلاغة والبيان والنظم، أنا أتحدى بالموضوعات التي جاء بها القرآن، أن القرآن جاء بإصلاحات لا يمكن أن يهتدي إليها البشر، لو اجتمع الفلاسفة أيام قريش ما كانوا يأتون.. فكيف جاء بهذه الإصلاحات كلها رجل أمي في بيئة أمية لا تكتب ولا تحسب.

توفيق طه: هل يمكن أن يكون الإعجاز العلمي الذي يتحدث عنه الكثيرون الآن إضافة إلى هذه المناحي أو هذه النواحي من الإعجاز؟

يوسف القرضاوي: إضافة.. هم يقصدون إن القرآن جاء بأشياء لم يكن يعرفها العرب إطلاقاً، لم تكن في حدود إدراك محمد ومعارفه ولا معارف عصره وجاؤوا بأمثلة، مثلاً من ضمن الأشياء التي ذكرها بعض الأخوة واعترف بها علماء الأجنة مسألة تكوين الجنين ومراحل تكوين الجنين في بطن أمه، علقة ثم من مضغة، نطفة ثم علقة، مضغة مخلقة وغير مخلقة.. يعني كما ذكر القرآن في صورة المؤمنون {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} هذه الأشياء ما كان يعرفها الناس، تفاصيل مراحل تكون الجنين في بطن أمه هذه..

توفيق طه: لكن تظل هذه مجرد إشارات علمية في القرآن لأن الكتاب ليس كتاب علم أصلاً القرآن الكريم؟

يوسف القرضاوي: لا القرآن ليس كتاباً متخصصاً في العلم، أنا دائماً أقول للأخوة الذين يهتمون بالإعجاز العلمي.. أقول أنتم تغفلون عن شيء مهم جداً جاء به القرآن أعظم مما تسمونه الإعجاز العلمي، القرآن جاء بتكوين العقلية العلمية، نحن يمكن نقول هذا القرآن.. الآية دي فيها إشارة إلى إعجاز علمي، إنما الذي يرقى بالأمة ليس هذا، الذي يرقى بالأمة أن تتكون عندها عقلية علمية تكتشف قوانين الكون وأسرار الكون، هذه العقلية اللي هي القرآن العقلية التي ترفض الظن {ومَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إلاَّ ظَناً إنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئاً} ترفض الهوى {إن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ ومَا تَهْوَى الأَنفُسُ} ترفض التقليد، التقليد للأباء {إنَّا وجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وإنَّا عَلَى آثَارِهِم} والتقليد {إنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاْ} وتأمر بالنظر في الكون {أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ ومَا خَلَقَ اللَّهُ} وتعتبر التذكير عبادة وفريضة وتعتمد البرهان {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ} البرهان العقلي في العقليات، البرهان للمشاهدة في الحسيات، البرهان النقلي توثيق النقليات {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ}..

توفيق طه: يعني الدعوة إلى التفكر وإعمال العقل دائماً؟

يوسف القرضاوي: آه العمل على تكوين عقلية علمية وهذا هو الذي أنشأ الحضارة الإسلامية، الحضارة الإسلامية نشأت بتكوين العقلية التي أنشأها القرآن، القرآن هو الذي أنشأ.. اللي جعل محمد بن أبي بكر الخوارزمي يخترع علم الجبر ويؤلف رسالة في علم المواريث والوصايا، الذي جعل ابن النفيس يكتشف الدورة الدموية وهو من فقراء الشافعية، هذا هو الذي.. يعني نريد أن نهتم به أكثر من الإشارات الإعجازية في القرآن.

توفيق طه: مسألة تكوين العقل للأمة الإسلامية سنعود إليها في وقت لاحق من هذه الحلقة، الآن سنحاول أن نستمع ونشاهد بعض التعليقات.. بعض المقتطفات لآراء حول الإعجاز العلمي.

[شريط مسجل]

عبد الباسط- رئيس قسم الكيمياء الحيوية: الأديان بشكل عام تعتمد في معرفتها على الإيمان، العلم يعتمد في مناقشته على التكذيب، على المناقشة، الحوار إلى آخره، فيه كتاب عظيم جداً للدكتورة يمنى الخولي أستاذة فلسفة العلم هنا بتوضح فيه أن اللي لا يمكن تكذيبه ما يبقاش علم، إنما العلم هو ما يمكن تكذيبه ويجتاز اختبارات تكذيب، فالعلم له منطق والدين له منطق والخلط بين الاثنين عملية في منتهى الخطورة.

أبو يعرب المرزوقي- مفكر إسلامي: إذا كان القصد من البحث عن الإعجاز العلمي بمعنى العلم الوضعي في القرآن الكريم فإن ذلك سيحط من شأن القرآن الكريم، لأن الحقائق العلمية حقائق دائماً متغيرة وغير ثابتة فإذا اعتبرنا أن بعض الحقائق العلمية لها ما يناظرها في القرآن الكريم عندما تتغير هذه الحقائق عندما يتقدم العلم وتتغير ماذا سنقول عندئذ؟ هل سنعيد تأويل القرآن الكريم ويصبح لعبة للتأويلات المتوالية أم سنكذب القرآن الكريم لأن الحقيقة العلمية ظهر أنها كاذبة وأنها لم تكن إلا فرضية؟ هذا الاعتراض الأول الأساسي ولكن لما كان قصد أصحاب نظرية الإعجاز العلمي قصد جيد فإن المطلوب أن نبحث عن نوع آخر من العلم في القرآن الكريم وهو العلم المتعلق بشروط المعرفة العلمية سواء الشروط الخلقية أو الشروط المعرفية، فيصبح القرآن الكريم يتضمن السنن التي تجعل العلم ممكناً، مثلاً أن العالم منتظم.

برونو غيدروني- عالم فلك وفضاء: الطريقة العلمية تكون في اكتشاف العالم عن طريق استخدام عقولنا، هذه هي الرسالة الرئيسية للقرآن وبعد ذلك إذا نظر المرؤ إلى القرآن باستخدام الأدوات العلمية ليتوصل إلى قوانين الطبيعة فهذا يعتبر إساءة فهم القرآن، ذلك لأن القرآن وحي منزّل من أجل الخلاص ولإحياء الروح، لذا فعلينا أن ننظر إلى القرآن من أجل الحياة الروحية وعلينا أن ننظر للعالم لاكتشاف آيات الله في العالم وهذا أيضاً يرتبط بالحياة الروحية.

توفيق طه: إذاً كانت هذه بعض الآراء في مسألة التفسير العلمي والإعجاز العلمي للقرآن سنكمل بعد الفاصل إن شاء الله، ننتظركم فإتنتظرونا.



[فاصل إعلاني]

العلاقة بين القرآن والعلم

توفيق طه: أهلاً بكم من جديد مشاهدينا الكرام، موضوع هذه الحلقة من الشريعة والحياة هو الإعجاز العلمي للقرآن، نعود إليك فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي، فكرة الإعجاز العلمي.. جوهر هذه الفكرة يقوم على التسليم بحقائق علمية وتوسعة النص القرآني كي يوافقها وتعتبر هذه.. نحكم هذه الأمور العلمية.. الحقائق العلمية في القرآن حتى نقول في النهاية إن القرآن وافق العلم الحديث بهذا المعنى أيهما يهيمن على الآخر هل القرآن أم العلم؟

"
القرآن يجب أن يهيمن على العلم، لأن العلم هو عمل العقول البشرية لذا فهو متغير والقرآن ثابت
"
يوسف القرضاوي: لا شك أن القرآن هو الذي يجب أن يهيمن على العلم، العلم هو عمل بشري، عمل العقول البشرية والعلم كما أشار بعض الأخوة الذين جاؤوا في التقريرات هذه، العلم يتغير.. يعني كنا زمان ندرس أنه المادة لا تفنى ولا تستحدث، الآن قالوا لا المادة ممكن تفنى وتستحدث، كان العلماء قديماً أيام ابن سينا والفارابي وابن رشد الذين كانوا يعتبرون فلاسفة العالم كانوا يعتبرون أن العناصر التي يتكون منها العالم أربعة؛ الماء والهواء والتراب والنار وبعدين تبين أن هذه ليست عناصر ده هي مركبات وأن العناصر زادت على المائة..

توفيق طه [مقاطعاً]: مائة وعشرة..

يوسف القرضاوي [متابعاً]: وأن الإنسان أصبح يعرف من الطبيعة.. من حقائق الطبيعة وحقائق الكون أكثر مما كان يعرف أرسطو أكبر فيلسوف في تاريخ اليونان في ذلك العالم، الآن العلم يتغير.. بعد نظرية النسبية لأينشتاين تغيرت أشياء كثيرة جداً في العلم، فالعلم لا يقف عند حد، هذه طبيعة.. ولذلك لا يمكن إننا نحكم المحدود في اللامحدود، نحكم المقيد في المطلق..

توفيق طه: يعني أنت توافق الذين يعترضون على هذه المقولة من منطلق..

يوسف القرضاوي: لا.. أحياناً فيه أشياء أصبحت حقائق ثابتة.. يعني ممكن نستخدمها، الفرضيات والنظريات لا يمكن، لا يمكن أتخذ نظرية داروين وكذا وعليها اعتراضات حتى من أهلها وحتى من الدروانيين الجدد.. يعني لا يمكن.. أتخذ الحقائق الثابتة، لا مانع أتخذ الحقائق الثابتة وانتفع بها في إلقاء الضوء على القرآن، فيه مجالات مهم جداً..

توفيق طه: بالضبط هو هنا العلاقة بين القرآن والعلم كيف يمكن أن تكون وما هي المجالات التي يمكن أن يستخدم فيها القرآن في العلم؟

يوسف القرضاوي: نعم هنا فعلاً هذا سؤال في غاية الأهمية، هناك أشياء ومجالات يمكن استفيد منها في إيضاح معاني القرآن، إلقاء شعاع على ما المعنى القرآني، مثلاً توضيح مدلول النص القرآني، مثلاً القرآن يقول{ وأَوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتاً ومِنَ الشَّجَرِ ومِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَات}ِ يعني إلى آخر الآية بتاع آيات النحل، يأتي علماء النحل أو علماء العسل ويبينوا لنا كيف الإيحاء إلى النحلة ده الإلهام الإلهي للنحلة وتتخذ من الجبال بيوتاً.. النحل الجبلي والنحل اللي بيعرش والنحل اللي كذا وتأكل من كل الثمرات و{يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} ممكن.. يعني ويوضح المعنى القرآني بحيث.. يعني يكون.. يعني في غاية البيان، لا مانع.. يعني من هذا أنه أوسع مدلول النص، يعني لما القرآن يقول {وخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} كل شيء في هذا {إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر} يعني كل شيء بحساب {الشَّمْسُ والْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} كل شيء موزون حتى بالميزان.. يعني لما يأتي النبات إن من كل شيء موزون ولقى فيه نسب كذا للبروتينيات ونسبة كذا للأملاح ونسبة كذا للمعادن ونسبة كذا بالنسب بالميزان بالجرام بالملي لا مانع أن أنا نستفيد من هذا، الكون ده مش فوضى، ده فيه كل شيء بمقدار، الماء بمقدار، الأوكسجين بمقدار، الهيدروجين بمقدار لو زاد عن هذا المقدار يمكن يحصل اشتعال في الكون..

توفيق طه: يعني هنا يأتي دور العالم لإيضاح أن هذا الكون المنظم..

يوسف القرضاوي: الأرض.. حجم الأرض..

توفيق طه: يجب أن يكون ورائها مَن ينظمها؟

يوسف القرضاوي: آه لا.. يعني هذا دليل على أن فيه..

توفيق طه: قدرة قوة نعم..

يوسف القرضاوي: قدرة إلهية منظمة لهذا الكون، هناك كتاب اسمه.. ترجم إلى العربية بعنوان العلم يدعو للأيمان بيتكلم فيه عن كيف قامت الحياة على الكرة الأرضية، إن فيه الآلاف الترتيبات، ملايين الترتيبات، إن الكرة دي لو كان حجمها أكبر مما هي ما كانش تقوم الحياة على الأرض، لو كان أصغر، لو كانت الشمس..

توفيق طه: أقرب..

يوسف القرضاوي: يعني على لو كان دورانها أسرع أو أبطئ، لو كان دورانها أبطئ الشمس تتسلط عليها مدة أطول تحترق، لو كان.. يعني أسرع لا تتمكن الحرارة منها إلى.. كل شيء بمقدار، فأنا لما أتكلم عن هذه الأشياء وأستفيد من هذه الكتب العلمية كما يفعل المرحوم سيد قطب رحمه الله يقتبس من هذه الأشياء لا مانع وهو من أشد الناس.. يعني ضد استخدام التفسير العلمي في القرآن والإعجاز العلمي ولكن يستفيد من هذا في توسيع مدلول النص، أحياناً أستفيد من العلم في تصحيح كلام المفسرين.. يعني المفسرين قديماً قال في قوله تعالى {ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} قالوا هذه كلية أغلبية، هم بيروا أن مش كل شيء في الكون مزدوج، الإنسان فيه ذكر وأنثى، الحيوان فيه ذكر وأنثى، بعض النباتات مثل النخيل فيها ذكر إنما مش كل النباتات مش كل الجمادات، الآن بعد معرفة الذرة واكتشاف الذرة وأنها تقوم على إلكترون وبروتون وكذا.. يعني أصبح كل شيء في الكون قائم على موجب وسالب، فالازدواج كما قال تعالى{سبْحَانَ الَذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ ومِنْ أَنفُسِهِمْ ومِمَّا لا يَعْلَمُون} فإذا أخذت العلم وصححت به تفسيرات..

توفيق طه: المفسرين..

يوسف القرضاوي: لا مانع وتقريب الحقائق الدينية إلى الذهن المعاصر هذا أيضاً مهم، حينما يقول القرآن {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ}،{ووَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً}،{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً}المفسرين القدامى كانوا يقولون وجدوا جزاء ما عملوا مش وجد عمله، قالوا لأن العمل انتهى، كانوا يقولون العمل ده عرض والعرض لا يبقى زمنيين، انتهى زمن العمل خلاص، الآن بيقول لك لا ده الأصوات اللي إحنا بنتكلمها موجودة في الكون، العمل.. يعني كأن هذه الأعمال الواحد هيشوفها نفسها، كأن فيه شريط مسجل والإنسان يقول له أنظر عملك، أقرا كتاب{ووَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً ولا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}..

توفيق طه: وهناك الآن محاولات لاستدعاء بعض الأصوات من الفضاء..

يوسف القرضاوي: فنقرّب.. بواسطة العلم نقرّب الحقائق الدينية، هذه كلها مجالات مهمة جداً لاستخدام العلم وهذا مما نقره ونرحب به.

توفيق طه: بعض الأمثلة فضيلة الدكتور على مسألة الإعجاز العلمي بعض دعاة الإعجاز يقولون مثلا في الآية الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ومَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراً يَرَهُ} يعني هنا الذرة كما نعلم في المصطلح العلمي هي أصغر وحدة في المادة عندما نأخذ هذا ونطبقه على القرآن.. يعني هل يخرج معنى كلمة الذرة عن المعجم القرآني؟

يوسف القرضاوي: لا لأنه في الحقيقة يجب الذي.. يعني يفسر القرآن يفسره في إطار اللغة العربية التي نزل بها، لا يستخدم مصطلحات حادثة بعد القرآن ويفسر بها القرآن.. يعني العربي حينما يفهم كلمة الذرة ما كان يفهم بها المعنى الطبيعي أو المعنى الفلسفي اللي كان عند الفلاسفة جوهر الفرد والأشياء دي لا الذرة هي عندهم.. بعضهم يقول الذرة هي النملة وبعضهم يقول الذرة هي الهبائة، الهبائة اللي بيشوفها الإنسان في..

توفيق طه: الضوء..

يوسف القرضاوي: أصغر شيء هذه الذرة إنما مش هي المعنى اللي بيقوله علماء الفيزياء، هذا ما يخطر وبعضهم يقول لك القرآن أشار إلى تحطيم الذرة لأنه قال يعني {ومَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ ولا فِي السَّمَاءِ ولا أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ} قال لا فيه أصغر من الذرة، دي إشارة.. هذا كله تكلف التكلف إحنا قلنا عايزين نتحدث عن التفسير العلمي أو الإعجاز العلمي لا نتكلف، لا نفرض على القرآن ما ليس من طبيعته.

توفيق طه: سنأخذ بعض المداخلات، الدكتور هيثم خياط كبير مستشاري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية تفضل دكتور.

هيثم الخياط- كبير مستشاري منظمة الصحة العالمية: السلام عليكم.

توفيق طه: وعليكم السلام.

يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله يا دكتور.

هيثم الخياط: كما عودنا أستاذنا الدكتور القرضاوي دائماً يستوعب الموضوع من جميع جهاته ولعل لي بعض الهوامش الصغيرة على ما تفضل به وأولها ما كان يتحدث عنه الآن مباشرة، قضية استعمال الكلام الذي نزل به القرآن الكريم بالمعاني الحادثة التي أضيفت إلينا، بطبيعة الحال الكلمات تتطور وتكتسب معاني جديدة وهذا لا يعيب اللغة ولكن أن نأتي بهذه المعاني فنحاول أن نلوي أعناق النصوص ونفرضها عليها هذا هو العيب وأبو عمرو بن العلاء المتوفى حوالي 150 للهجرة كان يقول اللسان الذي نزل به القرآن وتكلمت به العرب وعلى عهد النبي صلي الله عليه وسلم عربية كلماها غير كلامنا هذا، فإذا كان هذا بعد مائة وخمسين سنة من الهجرة فكيف بكلامنا هذا (كلمة غير مفهومة) رحمة الله عليه كان يقول من أعظم (كلمة غير مفهومة) هو فهم كلام الله عز وجل، أن ينشأ الرجل على اصطلاح حادث فيريد أن يفسر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها وهذا ما أشار إليه أستاذنا حينما تحدث عن موضوع الذرة، الذرة كما تفضل هي الهبائة أو هي النملة، حتى مازال حتى الآن في البادية كثيرون يسمون النملة بالذرة، هذا هو المعنى الذي ورد في القرآن الكريم ولم يكن المعنى الآخر فنحن نأتي الآن إلى موضوع مازال في سياق العلم فنريد أن نحمل هذا المعنى على القرآن الكريم باعتقادي أن هذا.. يعني اتجاه خطير وغير علمي ابتداء..



مشاركات المشاهدين

توفيق طه [مقاطعاً]: دكتور هيثم الخياط شكراً جزيلاً لك ونعتذر للمشاهدين على رداءة الصوت من المصدر، معنا من الجزائر عبد الله سيف، أخ عبد الله تفضل.

عبد الله سيف- الجزائر: السلام عليكم.

توفيق طه: وعليكم السلام.

يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.

عبد الله سيف: السلام عليكم.

توفيق طه: وعليكم السلام تفضل.

يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.

عبد الله سيف: تحية للشيخ قرضاوي دكتور القرضاوي.

يوسف القرضاوي: حياك الله يا أخي.

عبد الله سيف: الجزائريين يحبونك في الله شيخ قرضاوي.

يوسف القرضاوي: ونحن نحبهم في الله، نسأل الله أحبهم الذي أحبوني من أجله.

عبد الله سيف: يحبونك في الله ونشكرك على الزيارة الأخيرة التي قمت لها للجزائر.

يوسف القرضاوي: الله يبارك فيك.

عبد الله سيف: وخاصة لمنطقة القبائل فإننا نتمنى عودتك إن شاء الله.

يوسف القرضاوي: إن شاء الله.

عبد الله سيف: وإننا نحبك في الله شيخ قرضاوي.

يوسف القرضاوي: أحبكم الذي أحببتموني من أجله.

توفيق طه: تفضل يا أخ عبد الله أدخل في الموضوع.

عبد الله سيف: سؤالي للشيخ القرضاوي خاص بالبحث العلمي.. بالإعجاز العلمي ألا ترى شيخ قرضاوي بأن المسلمين عندما يقولون بأن العلم الغربي موجود في القرآن.. ألا ترى بأنه سبب من أسباب تخلف المسلمين وسبب تقاعس والتقاعد وعدم الاجتهاد والبحث في الأمور العلمية التقنية وغير ذلك؟ هذا وشكراً شيخ قرضاوي وبارك الله فيك، حفظك الله إن شاء الله.

توفيق طه: شكراً، كمال شكري من ألمانيا، تفضل كمال.

كمال شكري-ألمانيا: تحية لك يا أخ توفيق وتحية خاصة من ألمانيا للدكتور يوسف القرضاوي الذي نتعلم منه دائماً.

يوسف القرضاوي: بارك الله فيكم.

كمال شكري: الحقيقة يا دكتور يوسف {ومَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إلاَّ قَلِيلاً} هذا شيء في وجهة نظري أنا ليس عالم إسلامي أنا رجل مهندس مدني بتدل في شيء هام جداً في وجهة نظري وهو ديناميكية القرآن الكتاب المقدس إلى آخر العالم، إلى مدى الحياة {ومَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إلاَّ قَلِيلاً} فهذا يدل على تطوير في وجهة نظري، النقطة الثانية علشان ما أخدش وقت كثير من وقت البرنامج إن هو البحث العلمي.. القاعدة العلمية.. البحث العلمي غير موجود في العالم الإسلامي، غير موجود في الوطن العربي على الإطلاق، المال العربي يبدد في مناطق أخرى وفي مجالات أخرى، الغرب يريد أن يعرف مسلم قوى ويحترمه إذا كان قوى علمياً وهذا شيء مهم جداً وأنا بأقول الكلام ده وأنا في ألمانيا أكبر دولة تحترم الناس العلميين..

توفيق طه [مقاطعاً]: شكراً جزيلاً كمال شكري من ألمانيا.. يعني كما قلنا فضيلة الدكتور كما قلنا في البداية أن البعض.. يعني يفسر ذلك.. يفسر الكلام عن الإعجاز العلمي بأنه رغبة إلى الفرار من الإحساس بالفشل العلمي أمام أو مقارنة مع الغرب، البعض..

"
لخدمة القرآن يجب أن يكون هناك علماء من المسلمين يكتشفون الكون ويسخّرون العلم لخدمة القيم الإيمانية والأخلاقية لخدمة البشرية
"
يوسف القرضاوي [مقاطعاً]: ولذلك أنا في رأيي إذا كان المسلمون يريدون أن يخدموا القرآن حقيقة فعليهم أن ينشؤوا علماء، أن يكون منهم علماء حقيقيون يكتشفون الكون ويسخّرون العلم لخدمة القيم الإيمانية والقيم الأخلاقية وخدمة البشرية، هذا هو الذي ينبغي أن نباهي به، مش واحد ييجي يقول لي القرآن حينما طلع الناس للقمر قالوا أه القرآن قال {إنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إلاَّ بِسُلْطَانٍ} ده سلطان العلم، الإنسان استطاع بسلطان العلم يصل إلى القمر وهو ده خرج من أقطار السماوات والأرض؟ اللي راح إلى القمر ده لازالت الأرض هي اللي بتحركه ومن تحت بتحرك كل شيء فيه وتتحكم فيه ما خرج.. فهذه هي المشكلة نريد أن..

توفيق طه [مقاطعاً]: يعني المشكلة أن الكثيرين من العلماء المسلمين يتركون تخصصاتهم العلمية الآن ليتحدثوا عن الإعجاز العلمي في القرآن؟

يوسف القرضاوي [متابعاً]: يعني فيه بعضهم بيبالغ وفيه بعضهم يقف موقفاً.. يعني أقرب إلى التوسط مثل الدكتور زغلول النجار، فيه من الناس الذين احترمهم ووضع ضوابط مهمة في الحقيقة للتفسير العلمي وللإعجاز العلمي الأستاذ الدكتور عبد الحافظ حلمي وهو أستاذ بيولوجيا وكان عميداً لكلية العلوم في القاهرة وله بحث في استخدام العلوم البيولوجية في تفسير القرآن ووضع فيه ضوابط.. يعني مهمة، متى نستخدم الناحية العلمية ومتى نتركها وعدم المبالغة، لأن المشكلة أن هناك ناس تبالغ، واحد يقول لك {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} النفس الواحدة الإلكترون وزوجها البروتون.. يعني هذا كأنه عبث.

توفيق طه: هناك مَن يرد على دعاة الإعجاز العلمي بالقول إذا كنتم تريدون أن تقولوا أن القرآن قد سبق إلى هذا التحليل العلمي.. يعني حقق السبق العلمي في قضية ما لماذا إذاً لا يتقدم المسلمون على الغرب في العلم؟

يوسف القرضاوي: ولم نستفد منه، إيه الفائدة.. يعني إذا جاء بعد ما اكتشفوه نقول القرآن سبق، لو كنا اكتشفنا نحن هذه القوانين بسبب القرآن ونقول لهم هذا علمنا إياه القرآن إنما بعد ما اتعلمنا منهم نيجي نقول القرآن سبق إلى هذا يعني.

توفيق طه: نعم معظم الذين يشتغلون بالحديث عن الإعجاز العلمي هم من خارج الإطار الشرعي.. إطار العلم الشرعي، العلماء في السابق كانوا وضعوا شروطاً صعبة لمَن يريد أن يقوم بتفسير القرآن الآن عندما يتحدث بعض العلماء المتخصصين في علوم أخرى غير العلوم الشرعية عن تفسير القرآن بهذه الطريقة العلمية.. يعني ألا يعتبر هذا خروجاً وتعدياً على ضوابط العلم؟

يوسف القرضاوي: هو العلماء السابقون اختلفوا في هذه القضية، هناك من يرى أن القرآن اشتمل على كل علوم الأولين والآخرين مثل الأمام الغزالي وهناك مَن يرى أنه إقحام القرآن في هذا المجال هو نوع من التكلف الذي ينافي طبيعة القرآن وطبيعة الشريعة وطبيعة الأمة التي نزل عليها القرآن، إنها أمه أمية وهذا الأمام الشاطبي، ذكر هذا في كتابه الموافقات وبالغ في هذا في قضية أمية الأمة وأمية الشريعة حتى رد عليه العلامة الشيخ الطاهر بن عاشور أنه الإسلام وإن جاء إلى أمة أمية إلا أنه كان لم يمدح الأمية، الأمية ممدوحة في الرسول.. الرسول الأمي.. النبي الأمي، لأن نبي أمي جاء بهذا كله، هذا معجزة، كفاك بالعلم في الأمي معجزة، إنما الأمة ينبغي أن تخرج عن الأمية وكان أول من حارب الأمية هو رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في غزوة بدر جعل الأسرى.. الأسير الكاتب يعلّم عشرة من أولاد المسلمين، هو النبي الأمي أول من حارب الأمية، المهم الأمام الشاطبي وقف ضد هذا الاتجاه وفي عصرنا العلماء أيضاً هناك من أيد هذا الاتجاه ولكن العلماء المحققون الشيخ أمين الخولي، الشيخ محمود شلتوت، الأستاذ سيد قطب في ظلال القرآن وقف ضد هذا بقوة وهو يفسر قوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والْحَجِّ} ويقول لا ينبغي أننا نحكم العلم الذي يتغير ما بين الحين والحين..

توفيق طه [مقاطعأً]: بالضبط هذا ما لفت انتباهي في كلام كمال شكري المهندس من ألمانيا حين قال.. يعني ذكر قول الله سبحانه وتعالى {ومَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إلاَّ قَلِيلاً} يعني كيف نحكم القليل المتغير في الكثير؟

يوسف القرضاوي [متابعاً]: أه وشوف هذه الحقيقة {ومَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ} هي دي من الحقائق القرآنية العظيمة القرآن يبين أن علم الإنسان مهما أوتي هو محدود وهذا معناه أن الإنسان يظل عليه أن يزداد علماً ولذلك قال تعالى {وقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} العلم قابل للزيادة ومهما وصل الإنسان إلى قدر منه فإنه لم يصل إلا إلى القليل مما ينبغي أن يعرف.

توفيق طه: نعم لكن البعض يرى أن فكرة الحديث عن السبق العلمي.. عن التفسير العلمي للقرآن.. يعني ليست حكرا على المسلمين لم يأتِ بها المسلمون إنما بدأت مع المسيحية أيضاً، هناك مَن يحاول بدأ بمحاولة تفسير الكتاب المقدس بتفسيرات علمية؟

يوسف القرضاوي: ولكن لا يوجد في الكتاب المقدس مثل هذا، بالعكس وجد في الكتاب المقدس أشياء تخالف العلم، أنا من الأشياء اللي ينبغي أننا نقررها هنا ونؤكدها وهو ما قرره كل الباحثين والعلماء أنه لا توجد في القرآن آية وجزء من آية يخالف حقيقة علمية إلى اليوم، 14 قرناً مضت تغيرت فيها معارف البشر وتغيرت علوم من أساسها لا يوجد حقيقة علمية نقول هذه مخالفة لآية قرآنية وصدق الله تعالى إذ يقول {ولَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} كان يحدث تناقض مع حقائق الحياة وحقائق الكون، إنما وهذه.. هذه نفسها إعجاز.. نوع من الإعجاز ينبغي أننا نعترف به ونباهي به، أن لا يوجد عندنا.. هو موريس بوكاي هذا العالم الفرنسي ألّف كتاب في الكتب المقدسة وصِلَتُها بالعلوم الكونية والرياضية وأثبت أن القرآن يفوق كل الكتب السماوية ووقف مندهشاً عند بعض الآيات يقول لك إزاي هذه..

توفيق طه: يعني ربّما كان هذا هو محرك مَن يدعون إلى الإعجاز العلمي هو الإثبات أن القرآن هو من عند الله؟

يوسف القرضاوي: نعم هو ده طبعاً وبعض الأشياء.. يعني مدهشة فعلاً، واحد.. ذكر الأستاذ الدكتور وحيد خان صاحب كتاب الإسلام يتحدى أنه الأستاذ جيمس اللي هو الفلكي الشهير صاحب كتاب الكون الغامض وواحد اسمه عناية الله مشرقي.. يعني هندي تلي عليه آية من القرآن أو آيات من سورة فاطر {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا} في علم النبات {ومِنَ الجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا} الجيولوجيا {وغَرَابِيبُ سُودٌ ومِنَ النَّاسِ والدَّوَابِّ والأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} وبعدين قال {إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} الرجل وقف، قال له إيه؟ قال له هكذا، قال له هذا في قرآنكم؟ قال له نعم، قال له هذا ما انتهيت إليه بعد دراسات خمسين سنة أن الذي يخشى الله هو الذي يعرفه في كونه.. يعني يعرف أسرار الكون فيخشى الله عز وجل.



استخدام الإعجاز العلمي للدعوة إلى الإسلام

توفيق طه: بقيت نقطة أخيرة نريد أن نعرج عليها بسرعة أن البعض يقول أن أو يبرر كلام عن الإعجاز القرآني بأنه.. يعني وسيلة من وسائل الدعوة للإسلام هل.. يعني يمكن أن تنجح هذه كوسيلة للدعوة إلى الإسلام مثلاً دعوة المسيحيين أو غير أصحاب الأديان السماوية إلى الإسلام عن طريق إقناعهم بأن الإسلام هو اللي أتي بالعلم وأن القرآن هو اللي أتى بقواعد العلم؟

يوسف القرضاوي: والله هذا ما سمعته من أخونا الشيخ عبد المجيد الزنداني وما سمعته من أخونا الدكتور زغلول النجار أنه وسيلة ولكني.. يعني لا أرى الناس.. يعني بهذا يدخلون الإسلام، الإسلام.. أصل العملية مش عملية عقلية فقط.. يعني مش مجرد الإنسان ما يرى هذا ويرى أنه لا يمكن أن محمد الأمي يأتي بهذا الأمر فيقول آمنت بأن محمداً رسول الله، هناك أشياء كثيرة، الإنسان يعرف الأمر بعقله ولكن تظل هناك حواجز.. يعني هذه.. ولذلك القرآن يقول {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ} أحياناً هناك إنسان يرى شيء بسيط.. يعني يهز قلبه ويحركه ويشهد أن لا إله إلا الله، مسألة بسيطة جداً مش هذه الأشياء التي يتعب فيها الآخرون ونقول لهم كذا وأحياناً يعجبون بهذا.. يعني ولكن لا يصل به إلى الإيمان، هو ربما تفيد المسلمين أنفسهم.. يعني أحياناً حينما نذكر للمسلمين ما في القرآن من إشارات إعجازية يعجب المسلمون ويزدادوا إيماناً مع إيمانهم، فيمكن هذه يمكن أنفع من أننا نجر..

توفيق طه: غير المسلمين..

يوسف القرضاوي: الآخرين إلى الإسلام أنا لم أرى.. يعني أناساً اسلموا لأنه قرأ في الآية الفلانية وكذا.. حتى موريس بوكاي الذي ألّف هذا الكتاب.. يعني بعضهم قال أنه أسلم وبعضهم قال لم يسلم.. يعني على كل حال مسألة الهداية إلى الإيمان هذه لها.. يعني دوافع وعوامل وأسباب كثيرة وليست مجرد اقتناع عقلي وليس مجرد أن الإنسان يقتنع عقلياً يؤمن، هناك حواجز كثيرة، هرقل آمن بأن محمد رسول الله وقعد يتكلم مع أبو سفيان بن حرب ويسأله أسئلة في غاية الدقة وصل منها قال له هذا النبي الذي كنا ننتظره في آخر الزمان..

توفيق طه: ومع ذلك؟

يوسف القرضاوي: ولما وجد أن رجال الدين هاجوا عليه وحاصوا حيصة حمر الوحش فقال لهم لا أنا كنت بأختبر إيمانكم، لأنه وجد ملكه هيضيع بسبب هذا، غلب حب ملكه.. غلب الدنيا على الآخرة، غلب هذا على الإيمان فالعملية فيها مسائل..

توفيق طه: على ما اقتنع به بعقله نعم.. في ختام هذه الحلقة لا يسعنا إلا أن نشكرك جزيل الشكر فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي وشكراً لكم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة وحتى نلتقي الأسبوع المقبل إن شاء الله لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وهذا توفيق طه يستودعكم الله إلى اللقاء.


http://www.aljazeera.net/channel/archive/archive?ArchiveId=336255

No comments:

Post a Comment